النظرية الاقتصادية الحديثة: لماذا لا يمكن أن يكتمل وعيك بالعالم بدون الاطلاع على النظرية الاقتصادية؟

 

يريد الأشخاص المهتمون بالنظرية الاقتصادية عمومًا الحصول على تعريف قصير وواضح وسهل الفهم وشامل لها. ربما لهذا السبب يوجد الكثير من التعريفات المختلفة لهذه النظرية.

تعريفات النظرية الاقتصادية

فيما يلي عدد قليل من تلك التعريفات:

-      الاقتصاد نوع من النشاط الذي يتضمن التبادل والمعاملات النقدية بين الناس؛

-       النظرية الاقتصادية هي علم كيفية استخدام الناس للموارد الإنتاجية النادرة أو التي توجد في طور الاستنزاف (الأرض، والعمل، وسلع الإنتاج مثل الآلات، والمعرفة التقنية) لإنتاج سلع مختلفة (القمح، واللحوم، والملابس، والأعمال الفنية والأنشطة، والطرق، إلخ. .) وتوزيعها على الناس حتى يتمكنوا من استخدامها؛

-      النظرية الاقتصادية هي علم أنشطة الحياة اليومية للناس، وكيفية الحصول على الوسائل اللازمة لضمان حياتهم، وكيفية استخدام تلك الوسائل؛

-      النظرية الاقتصادية هي علم كيفية تعامل البشرية مع مهامها في مجال الاستهلاك والإنتاج؛

-      النظرية الاقتصادية هي علم الثروة.

بالطبع، يمكن لكل منا أيضًا إضافة بعض التعريفات الخاصة به. يلاحظ المنظر المعروف بول سامويلسون  Paul Samuelson أن النظرية الاقتصادية هي علم الموارد التي يكتسبها الناس والمجتمع على المدى الطويل من أجل إنتاج السلع وتوزيعها بين مجموعات مختلفة في المجتمع للاستهلاك الآن وفي المستقبل.

يمكن أيضًا وصف النظرية الاقتصادية بأنها علم العلاقات الإنسانية في مجالات الإنتاج والتبادل والاستهلاك في مختلف مراحل التنمية البشرية.

بالإضافة إلى المشكلات الشخصية والعائلية، تبحث النظرية الاقتصادية في المقام الأول المشكلات الاجتماعية والسياسية التي تهم كل شخص في المجتمع. وتشمل هذه المشاكل أيضا الأنشطة التجارية والصناعية. يجب أن تعطي النظرية الاقتصادية إجابة لجميع الأسئلة التي يواجهها النظام السياسي والاجتماعي. علما أن النظرية الاقتصادية تفترض أن الاختمام بالأنشطة الاقتصادية يعني جوهريا الاهتمام بالموارد وطريقة وإشكاليات استخدامها لتلبية احتياجات الناس.

 

الاقتصاد هو أولاً وقبل كل شيء أساس وجود وعمل المجتمع المادي، وهو المجال الذي يتم فيه الإنتاج الاجتماعي (النشاط الاقتصادي). النشاط الاقتصادي البشري هو موضوع البحث في جميع العلوم الاقتصادية. النظرية الاقتصادية هي علم كيفية توزيع الموارد المحدودة واستخدامها وإدارتها بشكل موضوعي من أجل تلبية احتياجات الناس المادية إلى أقصى حد. وفقًا لبول صامويلسون، النظرية الاقتصادية هي علم كيفية اختيار الناس أو المجتمع لأحد الخيارات الممكنة لاستهلاك موارد إنتاجية محدودة من أجل إنتاج منتجات مختلفة للاستهلاك الحالي أو المستقبلي وتوزيعها بين أفراد المجتمع ومجموعاتهم. بمعنى آخر، تتعامل النظرية الاقتصادية مع كيفية تلبية الاحتياجات بكفاءة مع أقل استخدام للموارد.

 

تعتبر النظرية الاقتصادية في الاقتصاد نظامًا له عناصره الخاصة والعلاقات فيما بينها. العنصر الاقتصادي هو كيان اقتصادي معين يتخذ القرارات الاقتصادية والأصول التي يستخدمها لإنتاج السلع وتقديم الخدمات.

 

النظرية الاقتصادية والكيان الاقتصادي

تعتمد الكيانات على الحساب الاقتصادي في أنشطتها وتكون قادرة على اتخاذ قرارات عقلانية بناءً عليها، والكيان الاقتصادي وحدة معزولة نسبيًا، لأنها مرتبطة بالممتلكات التي تمتلكها وتديرها. تعني ملكية كائن معين أنه يمكن للمالك أن يفعل بهذا الكائن تلك الإجراءات التي تسمح بها قوانين المجتمع. في الوقت نفسه، فإن إمكانيات الأفراد الآخرين لاستخدام هذا الكائن محدودة. تهتم النظرية الاقتصادية بالعلاقات الإنسانية الناشئة عن ملكية عوامل الإنتاج، لأن الملكية دائمًا فائدة ومسؤولية اقتصادية، ويعتمد عليها وضع الشخص في المجتمع، واهتمامه بالمشاركة في الإنتاج أو الأنشطة الأخرى، ومقدار الفوائد المتلقاة، إلخ.

 

الاقتصاد بوصفه نسقا من العلاقات: حركة أصول الكائن الاقتصادي

جميع عناصر الاقتصاد هي وحدات اقتصادية مرتبطة بعلاقات وعلاقات اقتصادية مختلفة، والتي ترتبط بدورها بحركة أصول الكائن الاقتصادي، أي السلعة الاقتصادية. لا بد من التمييز بين الأشياء المجانية (مثل الريح، الجبال، الخ) والسلع الاقتصادية؛ فالسلعة الاقتصادية هي موضوع واقع حقيقي يلبي احتياجات الناس (مواد أولية، مياه، سلع.). قد تكون البضائع مجانية، لكن يوجد القليل منها (ضوء الشمس، الرياح، المطر)، وهذه البضائع المجانية لا يمكن أن تكون نتيجة مباشرة أو هدفًا للنشاط الاقتصادي. السلع الاقتصادية تهم العلوم الاقتصادية، والسلع الاقتصادية لها سمات محددة يمكن إجمالها في ما يلي:

1- المحدودية: 

الكمية المتاحة لا يمكن أن تلبي جميع الاحتياجات. إذا كان هناك فائض منها مقارنة بالاحتياجات، فلن تكون ذات قيمة ولا مفيدة.

2- القيمة؛

السلعة الاقتصادية قيمة في ذاتها، وقيمة تبادلية تساوي قدرا معينا من القيمة الاستعمالية (المال)

3- الفائدة؛

 يجب أن تكون السلعة الاقتصادية بالضرورة موضوع ملكية؛

4- السعر: 

السلع الاقتصادية لها سعر معين في السوق لأن عليها طلبًا.

ما معنى الموارد؟ وما هي أنواعها؟

الموارد هي كل ما يستخدم في إنتاج السلع والخدمات (العمالة، الأرض، المعدات، إلخ).

الموارد الاقتصادية محدودة دائما إذا قورنت بحجم الطلب الدائم عليها؛ تقريبا جميع الموارد محدودة، وتسمى أيضًا عوامل الإنتاج.

يمكن التمييز بين أربع مجموعات من عوامل الإنتاج هي:

1-  العمل، ونعني به أي نشاط بدني أو عقلي (مهني) يقوم به الناس، مما يحقق الخير للمجتمع؛ إنه مورد محدود لأن عدد السكان في سن العمل محدود، ويمكن لكل شخص العمل فقط لعدد معين من الساعات في اليوم. في كل نشاط اقتصادي، هناك دوما قيود بسبب عوامل مثل مؤهلات الأشخاص، والمهنية، والتعليم، وما إلى ذلك.

 

2-  الأرض، هي عامل طبيعي للإنتاج تمنحه العناية الإلهية للإنسان، ولذلك فالأرض ليست في حد ذاتها نتيجة النشاط البشري. ومع ذلك، باستخدام الأرض في عملية الإنتاج، يمنحها الإنسان خصائص إضافية. لا يفهم الاقتصاديون الأرض على أنها قطعة أرض أو تربة، ولكن على نطاق أوسع: يفهمون الأرض كعامل إنتاج ذي صلة بجميع الموارد التي توفرها الطبيعة.

 

3-  رأس المال كعامل إنتاج هو رأس مال حقيقي - المعدات والمباني والمصانع وغيرها من السلع المنتجة سابقًا هي التي تستخدم في إنتاج سلع أخرى. هذه هي الطريقة التي يختلف بها رأس المال (وتسمى أيضًا السلع الاستثمارية) عن السلع الاستهلاكية التي تلبي احتياجات المستهلك بشكل مباشر (مثل الأحذية). رأس المال المالي هو أموال لاكتساب رأس المال الحقيقي، على سبيل المثال: حجم الأعمال المالية (الأسهم، السندات). تسمى عملية الإنتاج وتراكم رأس المال الحقيقي الاستثمار. رأس المال البشري هو المعرفة والمهارات المتراكمة من خلال التعلم والعمل والخبرة العملية، مما يزيد من إنتاجية الأفراد التشغيلية.

 

4-  ريادة الأعمال هي وظيفة محددة للكيانات الاقتصادية، والغرض منها هو الحصول على أكبر النتائج الممكنة لمالك عوامل الإنتاج والتي تستند بالضرورة إلى الحسابات الاقتصادية.

 

استنتاج وتحفيز:

بالنظر إلى كل هذه المعطيات، لا بد لأي شخص مهما كان مجال اشتغاله من معرفة النظرية الاقتصادية ودراستها لأن مشاكلها تهمنا جميعًا. ومن ناحية أخرى، لا بد لأي شخص من الوعي بأن الاقتصاد يدرس القضايا الاجتماعية وفي نفس الوقت السياسية التي تهم كل شخص.