ما الغاية من نظرية التفوق الأبيض؟
ما هي نظرية التفوق الأبيض؟
التفوق الأبيض
هو إيديولوجية عنصرية، تقوم على فكرة تفوق أولئك الذين ينظر إلى بشرتهم على أنها
بيضاء من قبل الآخرين أو من قبل أنفسهم مقارنة بالبشر الآخرين. على نطاق أوسع، يتميز
معتنقو هذا النوع من الإيديولوجيا العنصرية بفكرة مرجعية ومركزية ودوغاتية مفادها
أن الحضارة الغربية متفوقة ومهيمنة وأفضل من الأشكال الحضارية والعرقية التي توجد
في الدول والشعوب الآخرى.
إن فكرة
"تفوق البيض"، من بين نظريات التفوق بشكل عام، وهي متجذرة في النزعة
العرقية والرغبة في الهيمنة، وكثيراً ما أدت إلى العنف ضد الأفراد الذين يعتبرون
"غير البيض". يمكن العثور على المجموعات التي تدافع عن "التفوق
الأبيض" في العديد من البلدان والمناطق التي يغلب عليها السكان
"البيض"، بما في ذلك أمريكا الشمالية وأوروبا وروسيا وأستراليا
ونيوزيلندا وجنوب إفريقيا وأمريكا اللاتينية .
تحظر قوانين
العديد من الدول والاتفاقيات الدولية التعليقات العنصرية والمنظمات التي تدافع
عنها. وتهدف هذه القوانين إلى الحد من انتشار الممارسات
العنصرية، وتجريم معتنقيها خاصة حينما تتحول إلى سلوك علني في المشهد العام.
إيديولوجيا "تفوق البيض" في أوروبا
فرضت المصطلحات
الهندو-الأوروبية والآرية نفسها في عام 1810. في سياق الاستعمار البريطاني، ظهر
تعبير "تفوق البيض". وُلد المفهوم العنصري عند تقاطع الإيديولوجيا
الاستعمارية والنظريات العلمية المعاصرة. في نهاية القرن التاسع عشر، كانت العنصرية بالنسبة للمؤرخ نيكولا ليبورغ
"رد فعل بكل معنى الكلمة" : لقد كانت دافعًا ضد تطور العالم الذي جمع
العديد من المجموعات العرقية. وطموحًا لـ "استعادة" ذلك.
تعتبر المجموعات
الإسكندنافية والجرمانية أن سكان شمال أوروبا ( الإسكندنافيين والألمان والبريطانيين
والهولنديين ) متفوقين على الشعوب الجنوبية والشرقية وغير الأوروبية. وتجد هذه
الإيديولوجيا العنصرية انتشارا متزايدا في أوساط اليمين المتطرف والنازيين الجدد.
إيديولوجيا "تفوق البيض" في أمريكا
في الولايات
المتحدة الأمريكية، جماعة كو كلوكس كلان (Ku Klux Klan) هي مجموعة مرتبطة بحركة التفوق العرقي
الأبيض، وقد بلغ عدد أتباعها أربعة ملايين في عام 1920. تدافع المجموعات الأخرى عن
"النقاء الجيني"، ولا تقتصر على لون البشرة. وبالتالي فإن هذه الجماعات
كثيرًا ما تكون معادية للسامية، وتنتمي إلى إيديولوجيا النازية الجديدة. للحفاظ
على "نقاء" العرق الأبيض، حظرت الحكومة الأمريكية الزيجات بين البيض
وغير البيض حتى عام 1967. وقد كان الزواج بين البيض وغير البيض لا يسمح به إلا بموجب
قانون الحقوق المدنية لعام 1964 الذي ينهي الفصل العنصري في الولايات المتحدة.
إيديولوجيا "تفوق البيض" في أفريقيا
في جنوب إفريقيا،
كان الزواج بين البيض وغير البيض محظورًا حتى عام 1985 بموجب قانون حظر الزيجات
المختلطة، الذي أقرته حكومة نظام الفصل العنصري في عهد الرئيس دانييل فرانسوا
مالان
.
إيديولوجيا "تفوق البيض" عند النخب السياسية والفكرية
في القرن التاسع
عشر، حاولت النخب السياسية والفكرية ترسيخ سيادة العرق الأبيض تاريخيًا وعلميًا،
مما أعطى مفهوم الأجناس إطارا فكريا وإيديولوجيا لم يُلاحظ حتى الآن في تاريخ
البشرية. لقد عملت الإيديولوجيا العرقية التي تبنتها تلك النخب السياسية والفكرية
في تمجيد "العرق الأبيض"، ووضعته على قمة هرم الأعراق البشرية، فأصبح
"العرق الأبيض" أفضل من الأعراق الأخرى التي تم تصنيفها من خلال اللون
الأصفر والأسود والأحمر والأبيض.
إيديولوجيا "تفوق البيض" عند أرثور دي جوبينو
من المثير أن "أرثور
دي جوبينو" Arthur de Gobineau
كان أول من صنف كتابا متخصصا باللغة الفرنسية يدعي فيه الاعتماد
على العلم ليثبت -بطريقة غير مسبوقة- التسلسل الهرمي للأجناس، وتنصيب الأجناس
البيضاء في القمة. وقد كان عنوان ذلك الكتاب هو "مقال عن عدم المساواة بين
الأجناس البشرية"، وظهر في جزأين، بين عامي 1853 و 1855. ومن بين ما كتب أن
أرثور دي جوبينو في هذا الكتاب ما يلي: " الصنفان الأدنى من جنسنا، العرق
الأسود، والعرق الأصفر، هما الأرض الخشنة، والقطن والصوف، أما العائلات العرقية
التي تنتمي إلى العرق الأبيض فتعتبر تحفة رائعة، وأرابيسك من الفضة والذهب".
إيديولوجيا "تفوق البيض" في فلسفة كانط
رسم إيمانويل
كانط التسلسل الهرمي العرقي الرسمي في كتابه الأنثروبولوجي " الجغرافيا
الفيزيائية ". ومما كتب فيه: " في البلدان الحارة ينضج الرجال بشكل أسرع
من جميع النواحي، لكنهم لا يصلون إلى كمال المناطق المعتدلة المرتبطة بالعرق
الأبيض. تصل البشرية إلى أقصى درجات الكمال في سلالة البيض. الهنود الصفر لديهم
بالفعل موهبة أقل، أما الزنوج فيقعون في مكان أقل بكثير". يضيف كانط أن البيض
يمتلكون كل دوافع الطبيعة في المؤثرات والمشاعر، ويمتلكون كل المواهب وكل نزعات
الثقافة والحضارة، هم الوحيدون الذين يتقدمون دائمًا إلى الكمال".
التأثير الجيوسياسي لنظرية تفوق العرق الأبيض
تؤثر إيديولوجيا
"التفوق الأبيض" المرتبطة باستعمار الأوروبيين لإفريقيا وآسيا والأمريكيتين
وأوقيانوسيا بعنف على السكان غير البيض في جميع أنحاء العالم. تفوق العرق الأبيض
يقود إلى إيديولوجيا أخرى هي أدعاء أن للغرب رسالته الحضارية التي عليه نشرها في
كل بقاع الأرض تحت راية الهيمنة والاستعمار. وقد أصبحت هذه الإيديولوجيا العرقية والعنصرية
الحجة الرئيسية للسياسيين الأوروبيين الراغبين في إقناع الناس بضرورة شن الحروب
الاستعمارية والهجرة إلى المستعمرات. قال جول فيري حينها وزيراً في عام 1885
" أكرر أن هناك حقًا للأجناس المتفوقة، لأن هناك واجب عليهم. عليهم واجب نقل
الحضارة إلى الأعراق الدنيا ".
تعليقات
إرسال تعليق
اكتب تعليقا لتشجيعنا على تقديم الأفضل والمفيد