ما هو الاقتصاد؟ وما هي حقيقته؟
الاقتصاد علم
اجتماعي. والتعريف الأكثر قبولًا للاقتصاد هو ذلك الذي اقترحه ليونيل روبنز في
عام 1927: "العلم الذي يدرس العلاقة بين الغايات والوسائل أو الموارد النادرة
والمعرضة للاستخدامات البديلة".
كثيرا ما يقال إن
علم الاقتصاد ولد مع كتاب "ثروة الأمم" لآدم سميث الذي يسميه الأنجلوساكسون
"أبو الاقتصاد". في الواقع، درس العديد من المؤلفين السابقين وكتبوا
بشكل منهجي عن المشكلات الاقتصادية، مثل المدرسة الفيزيوقراطية في القرن الثامن
عشر الفرنسية، ومدرسة سالامانكا الإسبانية في القرن السادس عشر، وابن خلدون
التونسي (1332-1406) أو الصيني وانغ أنشي (1021-1086).
في الواقع،
يتطور الاقتصاد من اللحظة التي يبدأ فيها الناس في الاتحاد ضمن دوائر اجتماعية
نسميها مجتمعات، أي أن الاقتصاد يبدأ عندما يتاح للإنسان أن يصبح مستقرًا
واجتماعيًا. وبهذه الطريقة، يتم تهيئة الظروف لتبادل السلع والخدمات، من أجل تحقيق
التخصص، وتقليل التكاليف، وتنظيم المهام الإنتاجية للسكان المتعايشين اجتماعيا داخل
"مدينة". وبهذه الطريقة ولد فن الاقتصاد الذي حاول إيجاد أفضل طريقة لتراكم
الأرباح، مع مراعاة بعض القيود. بمعنى آخر: تمكن الاقتصاد من خفض التكاليف إلى
الحد الأقصى من أجل تلبية احتياجات الناس الخاضعة لبعض القيود.
في الأزمنة القديمة كان بإمكان المرء أن يتحدث
عن محاولة إخراج المزيد من الماء من البئر بأقل جهد. الآن يمكننا التحدث عن محاولة
ملء المعدة، والحصول على درجة معينة من التعليم، والحصول على منزل للنوم فيه، وذلك
باستعمال المال الذي نملكه. وهكذا، يكتسب الاقتصاد، بهذه الطريقة، معنى جديدًا: من
منظور الاقتصاد الكلي يمكن القول "إنه تحقيق التوزيع الفعال للسلع
والخدمات". من منظور الاقتصاد الجزئي "هو تراكم الربح الذي يخضع لبعض
القيود" كما ذكر أعلاه.
لا يتعلق
الاقتصاد بإدارة الأموال، ولا يتعلق بامتلاك عمل تجاري. على الرغم من صحة أن نظرية
الشركة تمثل مجالًا في دراسة الاقتصاد، فلا ينبغي الخلط بينها وبين ماهية الاقتصاد
بشكل عام.
الاقتصاد هو
دراسة اجتماعية، وهي مسؤولة عن فهم كيفية حدوث التفاعلات بين الوكلاء للحصول على
إشباع احتياجاتهم المقيدة بشروط "شراء" متفق بشأنها. لقد خلق الإنسان
الغربي الرضا الذي يمكن العثور عليه في المتاجر، وبهذا جعل ثقافة الاستهلاك تنغمس
في مواجهة عدم الرضا عن تلك الحاجات والتعاسة. ومع ذلك، وكمثال توضيحي، يوضح لنا
الرجل الشرقي كيف أن احتياجاته لا تعتمد إلى حد كبير على حجم جيوبه. إن الاقتصاد
الاستهلاكي الغربي يقيس كل شيء بالمال، حتى السعادة والصداقة والحرية والحياة. والهوس
بالمال جزء أساسي من التصور الاقتصادي في الفكر الغربي بحيث تتحول كل الأمور –بما فيها
الإنسان والقيم الإنسانية نفسها- إلى سلع تباع وتشترى لتلبية احتياجات حقيقية أو
متوهمة عن طريق الإشهار واستراتيجيات التسويق والتلاعب برغبات الناس واحتياجاتهم
الحقيقية.
تعليقات
إرسال تعليق
اكتب تعليقا لتشجيعنا على تقديم الأفضل والمفيد