الجريمة الاقتصادية، وعلاقتها بالنظام المالي الدولي
الجريمة الاقتصادية: ما هي؟
الجريمة الاقتصادية هي تعبير لوصف الفعل اللاإنساني، ذي الطبيعة الاقتصادية، الذي يتسبب في معاناة خطيرة للسكان المدنيين.
الجريمة الاقتصادية، أو بمعنى أضيق،
الجريمة المالية هي جريمة تُرتكب في مجال الاقتصاد كتحويل غير قانوني لملكية
الممتلكات أو إساءة استخدام الأدوات الاقتصادية. يمكن أن تشمل الجرائم الاقتصادية
الاحتيال (الشيكات الاحتيالية، الاحتيال في بطاقات الائتمان، الاحتيال على الرهن
العقاري، الاحتيال الطبي، احتيال الشركات، الاحتيال في الأوراق المالية (بما في
ذلك التداول من الداخل)، الاحتيال المصرفي، الاحتيال في التأمين، التلاعب بالسوق،
الاحتيال في الدفع (أماكن البيع)، الاحتيال في الرعاية الصحية)، السرقة، حيل
الاحتيال أو الثقة، التهرب الضريبي، الرشوة، الفساد، الفتنة، اختلاس أو سرقة
الهوية، غسيل أموال، التزييف، بما في ذلك إنتاج النقود المزيفة والسلع الاستهلاكية
الفاسدة أو منتهية الصلاحية. ويشار إلى الجريمة الاقتصادية أيضًا باسم "جريمة
ذوي الياقات البيضاء".
ومن جهة أخرى، قد تنطوي الجرائم
الاقتصادية على أعمال إجرامية إضافية، مثل جرائم الكمبيوتر وإساءة معاملة المسنين
وحتى جرائم العنف مثل السرقة أو السطو المسلح أو القتل. قد يرتكب الجرائم
الاقتصادية أفراد أو شركات أو جماعات الجريمة المنظمة. وقد تشمل الجرائم
الاقتصادية أيضا الضحايا الأفراد والشركات والحكومات والاقتصادات بأكملها.
مفهوم الجريمة الاقتصادية
قدم عالم الاقتصاد الحائز على جائزة
نوبل غاري بيكر "نظرية الجريمة" الخاصة به على مستوى الاقتصاد الجزئي في
الخمسينيات من القرن الماضي. وفي الاقتصاد الكلي، تم استخدام مفهوم "الجريمة
الاقتصادية" في المناقشات حول سياسات التكيف الهيكلي التي روج لها صندوق
النقد الدولي والبنك الدولي خلال الثمانينيات والتسعينيات. ومن الجدير بالذكر أن الحالات
التي تسببت في الأزمة الاقتصادية الكبرى الأخيرة أدت إلى الحديث عن جرائم اقتصادية
ضد الإنسانية.
الجريمة الاقتصادية: جريمة ضد الإنسانية
أولئك الذين يؤيدون المصطلح يربطون
الجريمة الاقتصادية بمفهوم " الجريمة ضد الإنسانية "، الذي تعرفه
المحكمة الجنائية الدولية بأنه:
"أي عمل غير إنساني يتسبب في معاناة خطيرة أو يهدد الصحة العقلية أو
البدنية لمن يعاني منه، ويُرْتَكَبُ كجزء من هجوم واسع النطاق أو منهجي ضد أي
مجموعة من السكان المدنيين".
ومع ذلك، فالجريمة الاقتصادية ليست
نوعًا من الجرائم المعترف بها سواء من قبل المحكمة الجنائية الدولية أو من قبل
القانون الدولي، كما أن هاتين الهيأتين لا تعترفان بالجدال المتنامي حول نظرية
الجريمة الاقتصادية وتأثيراتها الكارثية على عدد كبير من الفئات الاجتماعية والدول
المتخلفة. ولعل السبب في عدم اعتراف هاتين الهيأتين بأهمية ووجاهة الجدال المتنامي
حول نظرية الجريمة الاقتصادية يرجع إلى أنهما يمارسان شكالا خفية من الجريمة
الاقتصادية من خلال سياسة التستر على ما تمارسه الدول الغربية وصندوق النقد الدولي
من جرائم في حق الشعوب من خلال سياسة القروض وأشكال الضغط التي تمارس على الدول
المتخلفة باسم القانون الدولي وسياسة الهيكلة الاقتصادية التي يفرضها صندوق النقد
الدولي، وسياسة الحصار الاقتصادي التي تمارس كشكل عنيف من أشكال الحرب الإمبريالية
ضد ما تسميه الإمبريالية الغربية "الدول المارقة".
الجرائم الاقتصادية وعلاقتها بالأزمات الاقتصادية
وبحسب مؤيدي مصطلح "الجريمة
الاقتصادية"، فإن المسؤولين عن الجرائم الاقتصادية هم أولئك الأشخاص
والمؤسسات التي دافعت عن التحرير العشوائي للأسواق المالية، والمديرين التنفيذيين
والشركات التي استفادت بممارساتها السيئة من التجاوزات خلال الفقاعات المالية؛
أولئك الذين يُسمح لهم بالإفلات من العقوبات المترتبة عن جريمة هدر المال العام
يتحملون المسؤولية أيضًا.
الجرائم الاقتصادية: رأي جوزيف ستيجليتز (جائزة نوبل في الاقتصاد)
رأى جوزيف ستيجليتز (جائزة نوبل في
الاقتصاد) أن " البنك المركزي الأوروبي يضع مصالح البنوك قبل مصالح الدول
والمواطنين"، ويمارس بذلك شكلا بشعا من اشكال الجريمة الاقتصادية في حقهم.
يجادل الأشخاص الآخرون المؤيدون لاستعمال
مصطلح "الجريمة الاقتصادية" بأن وكالات التصنيف الدولية مثل:
فيتش رايتيغز Fitch
Ratingsو موديز Moody's وسطاندارا
أند بورز Standard &
Poor's، التي تمنح الثقة الاقتصادية
إلى بلد أو كيان، يمكن أن تكون "خاطئة"، والدليل على ذلك أن رأي
وتصنيفات وحسابات هذه الوكالات الدولية كانت خاطئة بشأن الرهن العقاري الذي أدى
إلى الأزمة الاقتصادية الكارثية لعام 2008.
الجريمة الاقتصادية وصندوق النقد الدولي
ويمضي إغناسيو راموني، كاتب عمود في Le Monde Diplomatique، في اتجاه تجريم ما يقوم
به صندوق النقد الدولي حينما يفرض على الدول المدينة اللجوء إلى سياسة التقشف
والحد من الإنفاق العام وتقليص عدد الوظائف، الخ. يقول إغناسيو راموني إن "أي
خطة تقشف وتخفيضات ستؤدي إلى انخفاض في معدل النمو...ووكالات التصنيف، بناءً على
ذلك، ستخفض تصنيف البلد الذي لجأ إلى سياسة التقشف، وسيتعين عليه تخصيص المزيد من
الأموال لسداد ديونه، والتي سيحصل عليها من خلال خفض ميزانياته بشكل أكبر. وسيتم
تقليل النشاط الاقتصادي وآفاق النمو...ومرة أخرى، ستخفض الوكالات درجته". وسيكون
الأمر بمثابة حلقة مفرغة تتورط فيها الدول التي تخضع لشروط وتوجيهات صندوق النقد
الدولي الذي يمارس –على هذا النحو الخبيث- جرائم اقتصادية في حق الدول والشعوب
التي لا تجد مخرجا من أزماتها إلا بالاقتراض ثم الاقتراض إل ما لا نهاية.
تعليقات
إرسال تعليق
اكتب تعليقا لتشجيعنا على تقديم الأفضل والمفيد