القائمة الرئيسية

الصفحات

الاقتصاد السياسي وتأثيراته على الدول والشعوب

 

الاقتصاد السياسي وتأثيراته على الدول والشعوب

يعد الاقتصاد السياسي مجالًا بالغ الأهمية في العلوم الاجتماعية، ويتعامل مع دراسة الإنتاج والتجارة وعلاقتها بالقانون والعرف والحكومة، وكذلك مع توزيع الدخل القومي والثروة.

تأسس هذا المجال كنظام فريد في القرن الثامن عشر، وتعلق بالبحث في إدارة ثروة الدولة في حد ذاتها. ويحيل مصطلح "الاقتصاد السياسي" على تداخل قوة المال وقوة السلطة، وقد يتخذ هذا التداخل شكل تحالف أو تكامل أو تعاقد أو صراع. وغالبا ما تنسب نظريات الاقتصاد السياسي لعلماء بريطانيين مثل آدم سميث، توماس مالتوس، وديفيد ريكاردو.

في أواخر القرن التاسع عشر، بدأ مصطلح "الاقتصاد" تدريجياً في استبدال مصطلح "الاقتصاد السياسي" بظهور النماذج الرياضية، بالتوازي مع نشر كتاب ألفريد مارشال المدرسي المؤثر الذي نُشر في عام 1890. وقد أيد ليام ستانلي جيبونز بدوره إدخال الأساليب الرياضية الاقتصادية، مما جعل الاقتصاد السياسي مجالا لتطبيق المنطق الرياضي على الممارسة الاقتصادية. تشير بعض الاقتباسات من كتب Google Viewer إلى أن استخدام مصطلح "الاقتصاد" بدأ يلقي بظلاله على مصطلح "الاقتصاد السياسي" حوالي عام 1910، وأصبح المصطلح المفضل  في عام 1920.

اليوم، يشير مصطلح "الاقتصاد" عادة إلى الدراسة الضيقة للاقتصاد، دون اعتبارات سياسية واجتماعية أخرى، بينما يمثل مصطلح "الاقتصاد السياسي" نهجًا منفصلاً وواضحًا وتنافسيًا.

قد يعالج الاقتصاد السياسي مجموعة متنوعة من القضايا المختلفة للغاية. أكاديميًا، قد يشير المصطلح إلى التحليل الماركسي وتطبيق نهج "الاختيار العام" الذي جاء من مدرسة شيكاغو ومدرسة فيرجينيا. في الوقت نفس، قد يتناول الاقتصاد السياسي النصيحة التي يقدمها الاقتصاديون للحكومة أو للجمهور بشأن السياسات الاقتصادية أو بشأن مقترحات اقتصادية محددة وضعها علماء الاجتماع.

منذ سبعينيات القرن الماضي، نمت الأدبيات السائدة بسرعة وتوسعت إلى ما وراء النموذج الهزيل للسياسة الاقتصادية فقط، حيث تُبذل الجهود لتعظيم استفادة الفرد في دراسة تأثير القوى السياسية على اختيار السياسة الاقتصادية، لا سيما فيما يتعلق بالصراعات البديلة والمؤسسات السياسية. 


بين الاقتصاد السياسي والاقتصاد العادي

يختلف الاقتصاد السياسي عن الاقتصاد العادي في عدة نواح نستعرضها كالتالي:

1. شمولي: يرى الاقتصاد العادي نفسه منفصلاً عن مجالات الحياة الأخرى (السياسة الخارجية، والأمن، والتعليم، والتفاوتات الاجتماعية، وما إلى ذلك) بينما يربطها الاقتصاد السياسي معًا، ويتعامل مع كل واحدة منها ككل حيث يؤثر كل مكون على الآخر.

2. تاريخيًا: وفقًا للماركسية، تعني الحتمية المادية حالة يتم فيها تحديد المجتمع والثقافة والعادات وعلاقات القوة بأسباب مادية، علما بأن تلك الأسباب المادية قد تكون متمثلة في أولئك الذين لديهم رأس مال أكبر، ولهم تحكم في عوامل الإنتاج. لذلك، بينما يفترض الاقتصاد العادي أنه يمكن لأي شخص أن يصبح ثريًا، ولا يتم حجب أي شيء عن أي شخص، فإن الاقتصاد السياسي يربط الحاضر بالماضي، ويؤكد أن التاريخ هو أحد أسباب الوضع الاقتصادي والاجتماعي السائد اليوم.

3. التوازن بين الرأسمالية والتدخل العام: يسعى الاقتصاد العادي إلى أقل قدر ممكن من التدخل الحكومي في البلاد. لا يسعى الاقتصاد السياسي إلى إدارة الدولة ككل من قبل الحكومة، ولكنه يسعى لتحقيق توازن يكون للحكومة فيه وزن أكبر من الاقتصاد العادي.

4. الانخرط في الأخلاق: الاقتصاد العادي يسعى لتحقيق الكفاءة، ولا ينظر إلى العالم من خلال نظارات الأخلاق. لا يرى الاقتصاد العادي أي مشكلة في البطالة تتجاوز أنها تضر بالنمو، ولا يهتم بدراسة الفوارق الاجتماعية، ولا يرصد علاقة الاقتصاد بالحراك الاجتماعي والاحتجاجات العمالية والمظاهرات الاحتجاجية. من ناحية أخرى، يسعى الاقتصاد السياسي لتحقيق العدالة والأخلاق والمساواة والصالح العام.


عمل الخبير الاقتصادي السياسي

عندما يتعلق الأمر بالتحقيق في موقف معين، سيبحث الاقتصادي السياسي دائمًا عن الشخص الموجود في السلطة. سيطرح ثلاثة أسئلة:

1. من لديه القوة؟

2. ماذا يفعل بالقوة؟

3. كيف يحافظ على قوته؟

عادةً ما يكون الشخص الذي في السلطة شخصًا يتمتع بإمكانيات مالية كبيرة أو شخصًا له تأثير سياسي واسع (تأثير على توزيع الموارد على الجماهير). لا يجب أن تكون السلطة السياسية في أيدي سياسي وحده، بل يمكن أن تكون أيضًا في يد صحفي يتمتع بمكانة كبيرة في الجمهور، أو رجل أعمال، أو ضابط كبير في الجيش أو الشرطة، أو قاضٍ أو أي شخص آخر يؤثر على توزيع الموارد العامة.


العمليات التاريخية

يحدد الاقتصاد السياسي ثلاث عمليات تاريخية مهمة:

1- التجارة

التسليع  ( بالإنجليزية : Commodification) هي العملية التي يقوم من خلالها شيء أو فكرة أو عمل فني له معنى شخصي - فكري أو عاطفي، بالنسبة لشخص ما، بتغيير الجانب الشخصي إلى معنى أوسع وجديد من خلال تقديم منتج معين في شكل منتج ذي جانب جماعي وكجزء من عملية تصنيع تجارية خاضعة للتسعير والإنتاج المتسلسل.

على سبيل المثال، الكتاب الذي أثبت نجاحه بسبب المعنى الشخصي الذي يستحضره أو الذي يتعرف عليه العديد من القراء، يُمنح معنى إضافيًا من قبل مؤلفه أو الموزع، فيكتسب بعدا جماعيا، ةتفتح أمامه إمكانات الترويج والتسليع الاقتصاديين. يصبح الكتاب منتجًا ويتم تسويقه وتكراره وتسويقه للجمهور المستهدف لتحقيق مكاسب اقتصادية.


2- توسع الشركات

الحالة التي تندمج فيها الشركات وتنمو وتكتسب القوة من أجل الوصول إلى وضع تتحول فيه إلى شركات أكبر من البلدان الصغيرة (اقتصاديًا). يخلق هذا الوضع قوة كبيرة في أيدي مالكي الشركات، لأن قوتهم العظيمة تجعل حتى الدول تتصرف أحيانًا لصالح الشركات. ومن الأمثلة على ذلك البنوك التي انهارت في أواخر عام 2008 في فترة الكساد الكبير، وحقيقة أن حكومة الولايات المتحدة اعتبرتها أكبر من أن تسمح لها بالسقوط.


3- تغيير دور الدولة

مع مرور الوقت، تمر البلدان بعملية الخصخصة - وهي حالة تنقل فيها الدولة بعض سلطاتها ومواردها إلى أطراف خاصة. أصبحت الدول اليوم أقل مشاركة في حياة المواطن، وتعطي المزيد والمزيد من الحرية له وللشركات.

تعليقات

التنقل السريع