قضية المعنى والمرجع. جوتلوب فريج
المعنى والمرجع. جوتلوب فريج
المعنى والمرجع. جوتلوب فريج
"حول المعنى والمرجع" (الذي يُترجم أحيانًا
على أنه في المعنى والدلالة) Über
Sinn und Bedeutung مقال
مهم كتبه الفيلسوف وعالم الرياضيات الألماني جوتلوب فريج عام 1892؛ يشرح فريجه في هذا المقال المفاهيم الأساسية لفلسفته في اللغة.
ويعتبر هذا المقال أحد النصوص المركزية في فلسفة اللغة وعلم الدلالات اللغوي.
يميز فريجه بين ما يسميه معنى التعبير ومرجعية التعبير، ويرى أن المعنى والمرجع جانبان مختلفان من المعنى. وبالنسبة لهذا الفيلسوف، كل من تعبيرات الكائن والمفهوم لها مرجع (كائن تشير إليه) ومعنى (طريقة للتحدث عن هذا الشيء).
مشكلة المعنى والمرجع
يبدأ جوتلوب فريج من الفكرة التقليدية القائلة بأن تعبيرات مثل "أرسطو" أو
"أشهر تلميذ أفلاطون" لها مرجع (في هاتين الحالتين، المرجع هو "أرسطو").
الهدف الرئيسي للمقال الذي كتبه جوتلوب
فريج ("حول المعنى والمرجع") هو إظهار أنه بالإضافة إلى المرجع، فإن معنى
هذه التعبيرات يتضمن شيئًا آخر، والذي يسميه جوتلوب فريج "معنى التعبيرات".
تنبع الحاجة إلى
التعرف على هذا "الشيء الآخر" من الحجة الشهيرة التالية، التي يفتتح بها جوتلوب فريج مقاله "حول المعنى والمرجع". ضع في اعتبارك الجملتين"أ =
أ" و"أ
= ب"؛ لنفترض
أن الحرفين "أ" و "ب" يشيران إلى نفس الشيء، أي أنهما اسمان
مختلفان لنفس الكيان. إذا كان معنى التعبيرات مرجعيًا فقط، فإن "أ = أ"
و "أ = ب" يعنيان نفس الشيء. لكن من الواضح أن الأمر ليس كذلك، لأن كل
جملة تخبرنا بشيء مختلف. في حين أن الجملة الأولى تافهة وغير مفيدة ويمكن معرفتها
مسبقًا، إلا أن الجملة الثانية، من ناحية أخرى، يمكن أن تكون مفيدة للغاية وتتطلب
الكثير من التحليل التجريبي حتى تتأسس دلالتها الحقيقية في الذهن. على سبيل المثال،
لنفترض أننا نتعامل مع الجملتين: "هيسبيروس هي هيسبيروس" (في
الميثولوجيا الإغريقية كلمة "هيسبيروس" تعني "نجمة المساء") "Hesperus is
Hesperus" و"هيسبيروس هي فوسفوروس" Hesperus is Phosphorus، فكلمة هيسبيروس Hesperus هي الاسم الذي أطلقه علماء الفلك القدامى على نجم المساء اللامع، و فوسفوروسPhosphorus هو الاسم الذي أطلقوه على النجم الأكثر لمعانًا في الصباح. في حين أن
الجملة الأولى تافهة وغير مفيدة، فإن الجملة الثانية مثيرة للاهتمام وغنية
بالمعلومات.
في الواقع، لقد
استغرق علماء الفلك قرونًا عديدة ليكتشفوا أن الهسبيروس والفوسفورس هما نفس الجسم
(الذي نسميه كوكب الزهرة اليوم). ومعنى هذا أن "Hesperus" و "Phosphorus" لهما نفس المرجع، لكن في التداول
اللغوي العادي تحيل الكلمة الأولى على "نجم المساء" وتحيل الكلمة الثانية
على "النجم الأكثر لمعانًا في الصباح". الاستنتاج الأولي والبسيط: إذا
كان معنى هاتين الكلمتين مرجعيًا فقط، فإن الجملتين من المفروض أن تعنيان نفس
الشيء. لكن من الواضح أن هذا ليس هو الحال.
حل مشكلة المعنى والمرجع
لحل هذه المشكلة،
يقترح
جوتلوب فريج التمييز بين مرجع التعبير ومعناه. لا
يعرّف
جوتلوب فريج بطريقة صارمة للغاية معنى التعبير،
لكنه يصفه بأنه "طريقة عرض" المرجع. على سبيل المثال، "نجمة
الصباح" و "نجمة المساء" هما وضعان لعرض نفس المرجع، وهو "كوكب
الزهرة". فكرة فريج هي أن الجمل ذات الشكل "أ = ب" مفيدة لأنه على
الرغم من أن "أ" و "ب" يعبران عن نفس المرجع، إلا أنهما
يفعلان ذلك بطرق مختلفة.
في مقاله "حول المعنى والمرجع"، يدعو جوتلوب فريج أي تعبير يكون مرجعه كائنًا إلى اسم أو
اسم علم. وهذا يشمل أسماء العلم مثل "أرسطو" و "فينوس" و
"3"؛ علاوة على ذلك، وفقًا لمصطلحات جوتلوب فريج، يعبر الاسم عن معناه ويشير إلى المرجع.
كما أن التمييز
الذي يقترحه جوتلوب فريج يجعل من الممكن تقديم إجابة لمشكلة
الأسماء التقليدية التي لا مرجع لها. إذا كان معنى الأسماء يتألف من مراجعها فقط،
فلن يكون لأسماء مثل "Pegasus" و "Vulcan" أي معنى، لأن Pegasus و Vulcan غير موجودين. ومع ذلك، يبدو أن الجميع
يفهم ما هو المقصود بكلمة "Pegasus" أو "Vulcan"، ويمكن حتى قول الحقائق عنها، مثل Pegasus "حصان مجَنَّحٌ لا وجود له" و Vulcan "كان كوكبًا افتراضيًا تم اقتراحه في
عام 1859".
بالتمييز بين
المعنى والمرجع، يمكن لـ جوتلوب فريج أن يجادل في أن مثل هذه الأسماء (Pegasus وVulcan) لها معنى لأنه على الرغم من عدم وجود مرجع لها،
إلا أن لها معنى.
في النصف الثاني
من مقاله المذكور، يجادل فريجه بأنه ليس فقط تعبيرات مثل "أرسطو" و
"أقرب نجم إلى الأرض" لها معنى ومرجع، ولكن أيضًا جمل مثل "أرسطو
كان فيلسوفًا" و "إنها تمطر" و " 1 + 2 = 3 ". وفقًا لـ جوتلوب فريج، فإن معنى الجملة هو فكرة، ومرجعها هو قيمة الحقيقة (صواب أو خطأ،
كما يسميهما).
ومع ذلك، من
خلال حديثه عن "الفكرة"، لا يعني جوتلوب فريج شيئًا عقليًا، كالمعتاد، ولكنه كيان مجرد، مستقل وجوديًا، ويمكن
الوصول إليه من قبل جميع المتحدثين الأكفاء.
المعنى والمرجع: المرجع غير المباشر
يجادل فريج
أيضًا أنه في سياقات معينة، لا تكون الإشارة إلى الأسماء والجمل هي المرجع المعتاد
لها، ولكن تكون الأسماء هي معناها المعتاد نفسه. هذا ضروري لتوضيح مبدأ السياق.
على سبيل المثال، ضع في اعتبارك الجملة "يعتقد جون أنها تمطر". في هذه
الجملة، عبارة "إنها تمطر" عبارة عن جملة "ثانوية"، كما
يسميها فريجه، من الجملة الكاملة. عادةً ما تكون الإشارة إلى هذه الجملة الثانوية
قيمة حقيقية. ومع ذلك، في السياق الذي توجد فيه، فإن مرجعها يكون بدلاً من ذلك
معناه المعتاد، أي الفكرة التي تنقلها.
يجد هذا التصور
وجاهته وصحته في حدسنا الدلالي، لأنه عندما نحكم على ما إذا كانت الجملة الكاملة
"يعتقد جون أنها تمطر" صحيحة (أي عندما نحكم على ماهية مرجعها)، لا نهتم
بما إذا كانت عبارة "تمطر" صحيحة، ولكن ما يهمنا هو هل تنقل الفكرة أم
لا تنقلها. إذا كان مرجع الكل يعتمد على مرجع الأجزاء، على النحو الذي يقتضيه مبدأ
التكوين، فمن الواضح إذن أن الإشارة إلى "السماء تمطر" في هذا السياق لا
يمكن أن تكون قيمة حقيقية، لأن قيمة الحقيقة للجملة بأكملها لا تعتمد على ما إذا
كانت "السماء تمطر" صحيحة أم خاطئة. من ناحية أخرى، تعتمد القيمة
الحقيقية للجملة الكاملة على الفكرة القائلة بأن الجملة "إنها تمطر"
تنقل الفكرة (فكرة هطول المطر من السماء)، لأنه إذا غيّرنا الفكرة التي تنقلها هذه
الجملة، فيمكن عندئذٍ تغيير القيمة الحقيقية لـ "يعتقد جون أنها تمطر".
كان لمقال فريج
(حول المعنى والمرجع)، والتمييز الذي يقدمه تأثير هائل على
الفلسفة التحليلية. لا يزال المقال يقرأ ويدرس على نطاق واسع، وقد خضع هذا التمييز
بين المعنى والمرجع لإعادة صياغة وتنقيحات، لكنه لا يزال يجد العديد من المؤيدين
والنقاد.
تعليقات
إرسال تعليق
اكتب تعليقا لتشجيعنا على تقديم الأفضل والمفيد